الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)
.فصل: في أَنَّ السُّورَةَ قَدْ يَكُونُ لها اسْمٌ وَاحِدٌ أو اسْمَانِ أَوْ أَكْثَرُ: قَدْ يَكُونُ لِلسُورَةِ اسْمٌ وَاحِدٌ وَيَكُونُ لَهَا أَيْضًا أَسْمَاءُ مُتَعَدِّدَةٌ وَذَلِكَ لِشَرَفِ السُّورَةِ، وَهُوَ كَثِيرٌ. وَقَدْ يَكُونُ لَهَا اسْمَانِ فَأَكْثَرُ؛ وَمِنْ ذَلِكَ:الْفَاتِحَةُ: وَقَدْ وَقَفْتُ لَهَا عَلَى نَيْفٍ وَعِشْرِينَ اسْمًا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى شَرَفِهَا، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْأَسْمَاءِ دَالَّةٌ عَلَى شَرَفِ الْمُسَمَّى.أَحَدُهَا: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَتَعَدُّدُ أَسْمَائِهَا: أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ وَهِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي».وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لْأَنَّهُ يُفْتَتَحُ بِهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَفِي التَّعْلِيمِ، وَفِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ.وَقِيلَ: لْأَنَّهَا أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ.وَقِيلَ: لْأَنَّهَا أَوَّلُ سُورَةٍ كُتِبَتْ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. حَكَاهُ الْمُرْسِيُّ، وَقَالَ: إِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ.وَقِيلَ:؛ لْأَنَّ الْحَمْدَ فَاتِحَةُ كُلِّ كَلَامٍ.وَقِيلَ: لْأَنَّهَا فَاتِحَةُ كُلِّ كِتَابٍ. حَكَاهُ الْمُرْسِيُّ. وَرَدَ: بِأَنَّ الَّذِي افْتُتِحَ بِهِ كُلُّ كِتَابٍ هُوَ الْحَمْدُ فَقَطْ لَا جَمِيعَ السُّورَةِ، وَبِأَنَّ الظَّاهِرَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابِ الْقُرْآنُ، لَا جِنْسَ الْكِتَابِ.قَالَ: لْأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ أَسْمَائِهَا فَاتِحَةُ الْقُرْآنِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ وَالْقُرْآنِ وَاحِدًا.ثَانِيهَا: فَاتِحَةُ الْقُرْآن: كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمُرْسِيُّ.وَثَالِثُهَا وَرَابِعُهَا: أُمُّ الْكِتَابِ، وَأُمُّ الْقُرْآن: وَقَدْ كَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ تُسَمَّى أُمَّ الْكِتَابِ، وَكَرِهَ الْحَسَنُ أَنْ تُسَمَّى أُمَّ الْقُرْآنِ وَوَافَقَهُمَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ; لْأَنَّ أُمَّ الْكِتَابِ هُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، قَالَ تَعَالَى: {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرَّعْد: 39]. {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ} [الزُّخْرُف: 4] وَآيَاتُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، قَالَ تَعَالَى: {آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آلِ عِمْرَانَ: 7]، قَالَ الْمُرْسِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ أُمُّ الْكِتَابِ وَلْيَقُلْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ.قُلْتُ: هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ الضُّرَيْسِ بِهَذَا اللَّفْظِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، فَالْتَبَسَ عَلَى الْمُرْسِيِّ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ، فَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «إِذَا قَرَأْتُمُ الْحَمْدَ فَاقْرَءُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ إِنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي».وَاخْتُلِفَ: لِمَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؟ فَقِيلَ: لْأَنَّهَا يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَبِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ السُّورَةِ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي مَجَازِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُنَاسِبُ تَسْمِيَتَهَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، لَا أُمَّ الْكِتَابِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ بِأَنَّ الْأُمَّ مَبْدَأُ الْوَلَدِ.قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتُقَدُّمِهَا وَتَأَخُّرِ مَا سِوَاهَا تَبَعًا لَهَا؛ لْأَنَّهَا أُمَّتُهُ، أَيْ: تَقَدَّمَتْهُ؛ وَلِهَذَا يُقَالُ لِرَايَةِ الْحَرْب: أُمٌّ، لِتَقَدُّمِهَا وَاتِّبَاعِ الْجَيْشِ لَهَا، وَيُقَالُ لِمَا مَضَى مِنْ سِنِي إِنْسَانٍ: أَمْ، لِتُقَدُّمِهَا وَلِمَكَّةَ: أُمُّ الْقُرَى، عَلَى سَائِرِ الْقُرَى.وَقِيلَ: أَمُّ الشَّيْء: أَصْلُهُ، وَهِيَ: أَصْلُ الْقُرْآنِ، لَانْطِوَائِهَا عَلَى جَمِيعِ أَغْرَاضِ الْقُرْآنِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْعُلُومِ وَالْحِكَمِ، كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالسَّبْعِينَ.وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لْأَنَّهَا أَفْضَلُ السُّوَرِ، كَمَا يُقَالُ لِرَئِيسِ الْقَوْم: أُمُّ الْقَوْمِ.وَقِيلَ: لْأَنَّ حُرْمَتَهَا كَحُرْمَةِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ.وَقِيلَ: لْأَنَّ مَفْزَعَ أَهْلِ الْإِيمَانِ إِلَيْهَا. كَمَا يُقَالُ لِلرَّايَة: أُمٌّ؛ لْأَنَّ مَفْزَعَ الْعَسْكَرِ إِلَيْهَا.وَقِيلَ: لْأَنَّهَا مُحْكَمَةٌ وَالْمُحْكَمَاتُ أُمُّ الْكِتَابِ.خَامِسُهَا: الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ: رَوَى أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُمِّ الْقُرْآن: هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَهِيَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ» وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَاشْتِمَالِهَا عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي فِي الْقُرْآنِ.سَادِسُهَا: السَّبْعُ الْمَثَانِي: وَرَدَ تَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ أَمَّا تَسْمِيَتُهَا سَبْعًا، فَلْأَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ. أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ.وَقِيلَ: فِيهَا سَبْعَةُ آدَابٍ، فِي كُلِّ آيَةٍ أَدَبٌ، وَفِيهِ بُعْدٌ.وَقِيلَ: لْأَنَّهَا خَلَتْ مِنْ سَبْعَةِ أَحْرُفٍ: الثَّاءُ وَالْجِيمُ وَالْخَاءُ وَالزَّايُ وَالشِّينُ وَالظَّاءُ وَالْفَاءُ. قَالَ الْمُرْسِيُّ: وَهَذَا أَضْعَفُ مِمَّا قَبِلَهُ؛ لْأَنَّ الشَّيْءَ إِنَّمَا يُسَمَّى بِشَيْءٍ وُجِدَ فِيهِ لَا بِشَيْءٍ فُقِدَ مِنْهُ.وَأَمَّا الْمَثَانِي: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنَ الثَّنَاءِ، لِمَا فِيهَا مِنَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الثَّنْيَا؛ لْأَنَّ اللَّهَ اسْتَثْنَاهَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنِ التَّثْنِيَة:قِيلَ: لْأَنَّهَا تَثْنِي فِي كُلِّ رَكْعَةٍ.وَيُقَوِّيهِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ- بِسَنَدٍ حَسَنٍ- عَنْ عُمَرَ، قَالَ: السَّبْعُ الْمَثَانِي فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، تَثْنِي فِي كُلِّ رَكْعَةٍ.وَقِيلَ: لْأَنَّهَا تُثَنَّى بِسُورَةٍ أُخْرَى.وَقِيلَ: لْأَنَّهَا نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ.وَقِيلَ: لْأَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى قِسْمَيْن: ثَنَاءٌ وَدُعَاءٌ.وَقِيلَ: لْأَنَّهَا كُلَّمَا قَرَأَ الْعَبْدُ مِنْهَا آيَةً ثَنَاهُ اللَّهُ بِالْإِخْبَارِ عَنْ فِعْلِهِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ.وَقِيلَ: لْأَنَّهَا اجْتَمَعَ فِيهَا فَصَاحَةُ الْمَبَانِي وَبَلَاغَةُ الْمَعَانِي. وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ.سَابِعُهَا: الْوَافِيَةُ: كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عَيْنِيَّةَ يُسَمِّيهَا بِهِ؛ لْأَنَّهَا وَافِيَةٌ بِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمَعَانِي، قَالَهُ فِي الْكَشَّافِ.وَقَالَ الثَّعْلَبِي: لْأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ التَّصْنِيفَ، فَإِنَّ كُلَّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَوْ قُرِئَ نِصْفُهَا فِي رَكْعَةٍ وَالنِّصْفُ الثَّانِي فِي أُخْرَى لَجَازَ، بِخِلَافِهَا.قَالَ الْمُرْسِيُّ: لْأَنَّهَا جَمَعَتْ بَيْنَ مَا لِلَّهِ وَبَيْنَ مَا لِلْعَبْدِ.ثَامِنُهَا: الْكَنْزُ: لِمَا تَقَدَّمَ فِي أُمِّ الْقُرْآنِ. قَالَهُ فِي الْكَشَّافِ، وَوَرَدَ تَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ فِي النَّوْعِ الرَّابِعَ عَشَرَ.تَاسِعُهَا: الْكَافِيَةُ: لْأَنَّهَا تَكْفِي فِي الصَّلَاةِ عَنْ غَيْرِهَا، وَلَا يَكْفِي عَنْهَا غَيْرُهَا.عَاشِرُهَا: الْأَسَاسُ: لْأَنَّهَا أَصْلُ الْقُرْآنِ وَأَوَّلُ سُورَةٍ فِيهِ.حَادِي عَشْرِهَا: النُّورُ.ثَانِي عَشْرِهَا، وَثَالِثُ عَشْرِهَا: سُورَةُ الْحَمْدِ، وَسُورَةُ الشُّكْرِ.رَابِعُ عَشْرِهَا، وَخَامِسُ عَشْرِهَا: سُورَةُ الْحَمْدِ الْأُولَى وَسُورَةُ الْحَمْدِ الْقُصْرَى.سَادِسُ عَشْرِهَا، وَسَابِعُ عَشْرِهَا وَثَامِنُ عَشْرِهَا: الرُّقْيَةُ، وَالشِّفَاءُ، وَالشَّافِيَةُ، لِلْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ فِي نَوْعِ الْخَوَاصِّ.تَاسِعُ عَشْرِهَا: سُورَةُ الصَّلَاة: لِتَوَقُّفِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا.الْعِشْرُون: وَقِيلَ: إِنَّ مِنْ أَسْمَائِهَا الصَّلَاةَ أَيْضًا، لِحَدِيثِ قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ أَي: السُّورَةَ. قَالَ الْمُرْسِيُّ: لْأَنَّهَا مِنْ لَوَازِمِهَا؛ فَهُوَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ لَازِمِهِ، وَهَذَا الَاسْمُ الْعِشْرُونَ.الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ الدُّعَاءِ لَاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِه: اهْدِنَا.الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ السُّؤَال: لِذَلِكَ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ.الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ تَعْلِيمِ الْمَسْأَلَةِ. قَالَ الْمُرْسِيُّ: لْأَنَّ فِيهَا آدَابَ السُّؤَالِ، لْأَنَّهَا بُدِئَتْ بِالثَّنَاءِ قَبْلَهُ.الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ الْمُنَاجَاةِ؛ لْأَنَّ الْعَبْدَ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ بِقَوْلِه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ التَّفْوِيض: لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ فِي قَوْلِه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فَهَذَا مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ أَسْمَائِهَا، وَلَمْ تَجْتَمِعْ فِي كِتَابٍ قَبْلَ هَذَا.وَمِنْ ذَلِكَ:سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَسُوَرٌ أُخْرَى وَأَسْمَاءُ هَذِهِ السُّوَر: كَانَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ يُسَمِّيهَا فُسْطَاطَ الْقُرْآنِ، وَوَرَدَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ: وَذَلِكَ لِعِظَمِهَا، وَلِمَا جُمِعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَمْ تُذْكَرْ فِي غَيْرِهَا، وَفِي حَدِيثِ الْمُسْتَدْرَكِ تَسْمِيَتُهَا: سَنَامُ الْقُرْآنِ، وَسَنَامُ كُلِّ شَيْءٍ أَعْلَاهُ.وَآلُ عِمْرَانَ: رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ، عَنْ أَبِي عَطَّافٍ قَالَ: اسْمُ آلِ عِمْرَانَ فِي التَّوْرَاة: طَيِّبَةٌ.وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ تَسْمِيَتُهَا وَالْبَقَرَةُ الزَّهْرَاوَيْنِ.وَالْمَائِدَةُ تُسَمَّى- أَيْضًا- الْعُقُودُ وَالْمُنْقِذَةُ.قَالَ ابْنُ الْفَرَس: لْأَنَّهَا تُنْقِذُ صَاحِبَهَا مِنْ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ.وَالْأَنْفَالُ: أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لَابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الْأَنْفَالِ؟قَالَ: تِلْكَ سُورَةُ بَدْرٍ.وَبَرَاءَةٌ تُسَمَّى- أَيْضًا- التَّوْبَةُ، لِقَوْلِهِ فِيهَا {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ} الْآيَةَ [التَّوْبَة: 117].وَالْفَاضِحَةُ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لَابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ التَّوْبَةِ؟ قَالَ: التَّوْبَةُ، بَلْ هِيَ الْفَاضِحَةُ، مَا زَالَتْ تَنْزِلُ: وَمِنْهُمْ، وَمِنْهُمْ.. حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنَّا إِلَّا ذُكِرَ فِيهَا.وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: مَا فَرَغَ مِنْ تَنْزِيلِ بَرَاءَةٍ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَا يَبْقَى مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا سَيَنْزِلُ فِيهِ.وَكَانَتْ تُسَمَّى الْفَاضِحَةَ، وَسُورَةُ الْعَذَابِ. أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: الَّتِي يُسَمُّونَ سُورَةَ الْعَذَابِ.أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا ذُكِرَ لَهُ سُورَةُ بَرَاءَةٍ، فَقِيلَ: سُورَةُ التَّوْبَةِ.قَالَ: هِيَ إِلَى الْعَذَابِ أَقْرَبُ، مَا كَادَتْ تُقْلِعُ عَنِ النَّاسِ، حَتَّى مَا كَادَتْ تُبْقِي مِنْهُمْ أَحَدًا.وَالْمُقَشْقِشَةُ: أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَابْنِ عُمَرَ: سُورَةُ التَّوْبَةِ؟.فَقَالَ: وَأَيَّتُهُنَّ سُورَةُ التَّوْبَةِ؟.فَقَالَ: بَرَاءَةٌ، فَقَالَ: وَهَلْ فَعَلَ بِالنَّاسِ الْأَفَاعِيلَ إِلَّا هِيَ؟! مَا كُنَّا نَدْعُوهَا إِلَّا الْمُقَشْقِشَةَ، أَيْ: الْمُبَرِّئَةَ مِنَ النِّفَاقِ.وَالْمُنَقِّرَةُ: أَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: كَانَتْ تُسَمَّى بَرَاءَةٌ الْمُنَقِّرَةُ، نَقَرَتْ عَمَّا فِي قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ.وَالْبُحُوثُ: بِفَتْحِ الْبَاء: أَخْرَجَ الْحَاكِمُ، عَنِ الْمِقْدَادِ أَنَّهُ قِيلَ: لَهُ: لَوْ قَعَدْتُ الْعَامَ، عَنِ الْغَزْوِ؟!قَالَ: أَتَتْ عَلَيْنَا الْبُحُوثُ يَعْنِي بَرَاءَةً... الْحَدِيثَ.وَالْحَافِرَةُ: ذَكَرَهُ ابْنُ الْفَرَسِ؛ لْأَنَّهَا حَفَرَتْ عَنْ قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ.وَالْمُثِيرَةُ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ تُسَمَّى الْفَاضِحَةُ، فَاضِحَةُ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهَا: الْمُثِيرَةُ، أَنْبَأَتْ بِمَثَالِبِهِمْ وَعَوْرَاتِهِمْ.حَكَى ابْنُ الْفَرَس: مِنْ أَسْمَائِهَا الْمُبَعْثَرَةَ، وَأَظُنُّهُ تَصْحِيفُ الْمُنَقِّرَةِ فَإِنْ صَحَّ كَمُلَتِ الْأَسْمَاءُ الْعَشَرَةَ- ثُمَّ رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ- الْمُبَعْثَرَةَ بِخَطِّ السَّخَاوِيِّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ وَقَالَ: لْأَنَّهَا بَعْثَرَتْ عَنْ أَسْرَارِ الْمُنَافِقِينَ.وَذَكَرَ فِيهِ- أَيْضًا- مِنْ أَسْمَائِهَا: الْمُخْزِيَةَ، وَالْمُنَكِّلَةَ، وَالْمُشَرِّدَةَ، وَالْمُدَمْدِمَةَ.(النَّحْلِ): قَالَ قَتَادَةُ: تُسَمَّى سُورَةَ النَّعَمَ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.قَالَ ابْنُ الْفَرَس: لِمَا عَدَّدَ اللَّهُ فِيهَا مِنَ النِّعَمِ عَلَى عِبَادِهِ.الْإِسْرَاءُ: تُسَمَّى أَيْضًا سُورَةُ (سُبْحَانَ) وَسُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ.الْكَهْفُ: وَيُقَالُ لَهَا سُورَةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، كَذَا فِي حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ.وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «أَنَّهَا تُدْعَى فِي التَّوْرَاةِ الْحَائِلَةَ تَحُولُ بَيْنَ قَارِئِهَا وَبَيْنَ النَّارِ». وَقَالَ: إِنَّهُ مُنْكَرٌ.(طه): تُسَمَّى أَيْضًا سُورَةَ الْكَلِيمِ. ذَكَرَهُ السَّخَاوِيُّ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ.(الشُّعَرَاءُ): وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْإِمَامِ مَالِكٍ تَسْمِيَتُهَا بِسُورَةِ الْجَامِعَةِ.(النَّمْلُ): تُسَمَّى أَيْضًا سُورَةُ سُلَيْمَانَ.(السَّجْدَةُ): تُسَمَّى أَيْضًا الْمَضَاجِعِ.(فَاطِرٌ): تُسَمَّى سُورَةَ الْمَلَائِكَةِ.(يس): «سَمَّاهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلْبَ الْقُرْآنِ» أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ مَرْفُوعًا: «سُورَةُ يس تُدْعَى فِي التَّوْرَاةِ الْمُعِمَّةَ، تَعُمُّ صَاحِبَهَا بِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَتُدْعَى: الدَّافِعَةُ وَالْقَاضِيَةُ، تَدْفَعُ عَنْ صَاحِبِهَا كُلَّ سُوءٍ وَتَقْضِي لَهُ كُلَّ حَاجَةٍ». وَقَالَ: إِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.(الزُّمَرُ): تُسَمَّى سُورَةُ الْغُرَفِ.(غَافِرٌ): تُسَمَّى سُورَةُ الطَّوْلِ، وَالْمُؤْمِنِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهَا: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ} [غَافِرٍ: 28].(فُصِّلَتْ): تُسَمَّى السَّجْدَةَ، وَسُورَةُ الْمَصَابِيحِ.(الْجَاثِيَةُ): تُسَمَّى الشَّرِيعَةَ، وَسُورَةُ الدَّهْرِ، حَكَاهُ الْكَرْمَانِيُّ فِي الْعَجَائِبِ.(مُحَمَّدٌ): تُسَمَّى الْقِتَالَ.(ق): تُسَمَّى سُورَةُ الْبَاسِقَاتِ.(اقْتَرَبَتْ): تُسَمَّى الْقَمَرَ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا تُدْعَى فِي التَّوْرَاةِ الْمُبَيِّضَةُ، تُبَيِّضُ وَجْهَ صَاحِبِهَا يَوْمَ تَسْوَدُّ الْوُجُوهُ. وَقَالَ: إِنَّهُ مُنْكَرٌ.(الرَّحْمَنُ): سُمِّيَتْ فِي حَدِيثٍ: عَرُوسُ الْقُرْآنِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا.(الْمُجَادَلَةُ): سُمِّيَتْ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ: الظِّهَارَ.(الْحَشْرُ): أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الْحَشْرِ قَالَ: قُلْ سُورَةُ بَنِي النَّضِيرِ.قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَأَنَّهُ كَرِهَ تَسْمِيَتَهَا بِالْحَشْرِ؛ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّ الْمُرَادَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا إِخْرَاجُ بَنِي النَّضِيرِ.(الْمُمْتَحَنَةُ): قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: الْمَشْهُورُ فِي هَذِهِ التَّسْمِيَةِ أَنَّهَا بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَقَدْ تُكْسَرُ، فَعَلَى الْأَوَّل: هِيَ صِفَةُ الْمَرْأَةِ الَّتِي نَزَلَتِ السُّورَةُ بِسَبَبِهَا، وَعَلَى الثَّانِي: هِيَ صِفَةُ السُّورَةِ كَمَا قِيلَ: لِبَرَاءَةٍ الْفَاضِحَةَ.وَفِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ: تُسَمَّى أَيْضًا سُورَةُ الِامْتِحَانِ، وَسُورَةُ الْمَوَدَّةِ.(الصَّفُّ): تُسَمَّى أَيْضًا سُورَةُ الْحَوَارِيِّينَ.(الطَّلَاقُ): تُسَمَّى سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى، وَكَذَا سَمَّاهَا ابْنُ مَسْعُودٍ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.وَقَدْ أَنْكَرَهُ الدَّاوُدِيُّ، فَقَالَ: لَا أَرَى قَوْلَهُ: (الْقُصْرَى) مَحْفُوظًا، وَلَا يُقَالُ فِي سُورَةِ مِنَ الْقُرْآن: قُصْرَى وَلَا صُغْرَى.قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ رَدٌّ لِلْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ بِلَا مُسْتَنَدٍ، وَالْقِصَرُ وَالطُّولُ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ: (طُولَى الطُّولَيْنِ). وَأَرَادَ بِذَلِكَ سُورَةَ الْأَعْرَافِ.(التَّحْرِيمُ): يُقَالُ لَهَا سُورَةُ: الْمُتَحَرِّمُ وَسُورَةَ لِمَ تُحَرِّمُ.(تَبَارَكَ): تُسَمَّى سُورَةُ الْمُلْكِ. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: هِيَ فِي التَّوْرَاة: سُورَةُ الْمُلْكِ، وَهِيَ: الْمَانِعَةُ تَمْنَعُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: هِيَ الْمَانِعَةُ، هِيَ الْمُنْجِيَةُ: تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.وَفِي مُسْنَدِ عُبَيْدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «أَنَّهَا الْمُنْجِيَةُ وَالْمُجَادِلَةُ تُجَادِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّهَا لِقَارِئِهَا».وَفِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ، مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهَا الْمُنْجِيَةَ».وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كُنَّا نُسَمِّيهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَانِعَةَ.وَفِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ: تُسَمَّى- أَيْضًا-: الْوَاقِيَةُ وَالْمَانِعَةُ.(سَأَلَ): تُسَمَّى الْمَعَارِجَ وَالْوَاقِعَ.(عَمَّ): يُقَالُ لَهَا: النَّبَأُ وَالتَّسَاؤُلُ وَالْمُعْصِرَاتُ.(لَمْ يَكُنْ): تُسَمَّى سُورَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ سُمِّيَتْ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ، وَسُورَةُ الْبَيِّنَةِ وَسُورَةُ الْقِيَامَةِ وَسُورَةُ الْبَرِيَّةِ وَسُورَةُ الِانْفِكَاكِ، وَذُكِرَ ذَلِكَ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ.(أَرَأَيْتَ): تُسَمَّى سُورَةُ الدِّينَ، وَسُورَةُ الْمَاعُونِ.(الْكَافِرُونَ): تُسَمَّى الْمُقَشْقِشَةُ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ: وَتُسَمَّى أَيْضًا سُورَةُ الْعِبَادَةِ.قَالَ: وَ(سُورَةُ النَّصْرِ): تُسَمَّى سُورَةُ التَّوْدِيعَ، لِمَا فِيهَا مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.قَالَ: وَ(سُورَةُ تَبَّتْ): تُسَمَّى سُورَةُ الْمَسَدِ.وَ(سُورَةُ الْإِخْلَاصِ): تُسَمَّى الْأَسَاسَ، لَاشْتِمَالِهَا عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَهُوَ أَسَاسُ الدِّينِ.قَالَ: (وَالْفَلَقُ، وَالنَّاسُ): يُقَالُ لَهُمَا الْمُعَوِّذَتَانِ، بِكَسْرِ الْوَاوِ، وَالْمُشَقْشِقَتَانِ، مِنْ قَوْلِهِمْ خَطِيبٌ مُشَقْشِقٌ.تَنْبِيهٌ:قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَانُ: يَنْبَغِي الْبَحْثُ، عَنْ تَعْدَادِ الْأَسَامِي، هَلْ هُوَ تَوْقِيفِيٌّ أَوْ بِمَا يَظْهَرُ مِنَ الْمُنَاسَبَاتِ لِسُوَرِ الْقُرْآنِ؟.فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَمْ يَعْدَمِ الْفَطِنُ أَنْ يَسْتَخْرِجَ مِنْ كُلِّ سُورَةٍ مَعَانِيَ كَثِيرَةً تَقْتَضِي اشْتِقَاقَ أَسْمَاءٍ لَهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ.قَالَ: وَيَنْبَغِي النَّظَرُ فِي اخْتِصَاصِ كُلِّ سُورَةٍ بِمَا سُمِّيَتْ بِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَرَبَ تُرَاعِي فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمُسَمَّيَاتِ أَخْذَ أَسْمَائِهَا مِنْ نَادِرٍ أَوْ مُسْتَغْرَبٍ يَكُونُ فِي الشَّيْءِ، مِنْ خَلْقٍ أَوْ صِفَةٍ تَخُصُّهُ، أَوْ تَكُونُ مَعَهُ أَحْكَمَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَسْبَقَ؛ لِإِدْرَاكِ الرَّائِي لِلْمُسَمَّى. وَيُسَمُّونَ الْجُمْلَةَ مِنَ الْكَلَامِ وَالْقَصِيدَةِ الطَّوِيلَةِ بِمَا هُوَ أَشْهَرُ فِيهَا، وَعَلَى ذَلِكَ جَرَتْ أَسْمَاءُ سُوَرِ الْقُرْآنِ، كَتَسْمِيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِهَذَا الَاسْمِ لِقَرِينَةِ قِصَّةِ الْبَقَرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا وَعَجِيبِ الْحِكْمَةِ فِيهَا، وَسُمِّيَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ بِهَذَا الَاسْمِ لَمَّا تَرَدَّدَ فِيهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنْ أَحْكَامِ النِّسَاءِ، وَتَسْمِيَةِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ لِمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ تَفْصِيلِ أَحْوَالِهَا، وَإِنْ كَانَ وَرَدَ لَفْظُ (الْأَنْعَامِ) فِي غَيْرِهَا، إِلَّا أَنَّ التَّفْصِيلَ الْوَارِدَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} إِلَى قَوْلِه: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ} [الْأَنْعَام: 142- 144] لَمْ يَرِدْ فِي غَيْرِهَا كَمَا وَرَدَ ذِكْرُ النِّسَاءِ فِي سُوَرٍ، إِلَّا أَنَّ مَا تَكَرَّرَ وَبُسِطَ مِنْ أَحْكَامِهِنَّ لَمْ يَرِدْ فِي غَيْرِ سُورَةِ النِّسَاء. وَكَذَا سُورَةُ الْمَائِدَةِ لَمْ يَرِدْ ذِكْرُ الْمَائِدَةِ فِي غَيْرِهَا فَسُمِّيَتْ بِمَا يَخُصُّهَا.قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: قَدْ وَرَدَ فِي سُورَةِ (هُودٍ) ذِكْرُ نُوحٍ وَصَالِحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ وَمُوسَى، فَلِمَ خُصَّتْ بِاسْمِ هُودٍ وَحْدَهُ مَعَ أَنَّ قِصَّةَ نُوحٍ فِيهَا أَوْعَبَ وَأَطْوَلَ؟.قِيلَ: تَكَرَّرَتْ هَذِهِ الْقِصَصُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَسُورَةِ هُودٍ وَالشُّعَرَاءِ بِأَوْعَبَ مِمَّا وَرَدَتْ فِي غَيْرِهَا، وَلَمْ يَتَكَرَّرْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ السُّوَرِ الثَّلَاثِ اسْمُ هُودٍ كَتَكَرُّرِهِ فِي سُورَتِهِ، فَإِنَّهُ تَكَرَّرَ فِيهَا أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ وَالتَّكْرَارُ مِنْ أَقْوَى الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا.قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ تَكَرَّرَ اسْمُ نُوحٍ فِيهَا فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ؟.قِيلَ: لَمَّا أُفْرِدَتْ لِذِكْرِ نُوحٍ وَقِصَّتِهِ مَعَ قَوْمِهِ سُورَةٌ بِرَأْسِهَا، فَلَمْ يَقَعْ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ كَانَتْ أَوْلَى بِأَنْ تُسَمَّى بِاسْمِهِ مِنْ سُورَةٍ تَضَمَّنَتْ قِصَّتَهُ وَقِصَّةَ غَيْرِهِ. انْتَهَى.قُلْتُ: وَلَكَ أَنْ تَسْأَلَ فَتَقُولُ: قَدْ سُمِّيَتْ سُوَرٌ جَرَتْ فِيهَا قَصَصُ أَنْبِيَاءَ بِأَسْمَائِهِمْ كَسُورَةِ نُوحٍ، وَسُورَةِ هُودٍ، وَسُورَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَسُورَةِ يُونُسَ، وَسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَسُورَةِ طس سُلَيْمَانَ، وَسُورَةِ يُوسُفَ، وَسُورَةِ مُحَمَّدٍ، وَسُورَةِ مَرْيَمَ، وَسُورَةِ لُقْمَانَ، وَسُورَةِ الْمُؤْمِنِ. وَقِصَّةُ أَقْوَامٍ كَذَلِكَ، سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَسُورَةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَسُورَةُ الْحِجْرِ، وَسُورَةُ سَبَأٍ وَسُورَةُ الْمَلَائِكَةِ، وَسُورَةُ الْجِنِّ، وَسُورَةُ الْمُنَافِقِينَ، وَسُورَةُ الْمُطَفِّفِينَ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ لَمْ يُفْرَدْ لِمُوسَى سُورَةٌ تُسَمَّى بِهِ مَعَ كَثْرَةِ ذِكْرِهِ فِي الْقُرْآنِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: كَادَ الْقُرْآنُ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ لِمُوسَى وَكَانَ أَوْلَى سُورَةٍ أَنْ تُسَمَّى بِهِ سُورَةُ طه أَوْ سُورَةُ الْقَصَصِ أَوِ الْأَعْرَافِ؛ لِبَسْطِ قِصَّتِهِ فِي الثَّلَاثَةِ مَا لَمْ يُبْسَطْ فِي غَيْرِهَا.وَكَذَلِكَ قِصَّةُ آدَمَ، ذُكِرَتْ فِي عِدَّةِ سُوَرٍ وَلَمْ تُسَمَّ بِهِ سُورَةٌ، كَأَنَّهُ اكْتِفَاءٌ بِسُورَةِ الْإِنْسَانِ. وَكَذَلِكَ قِصَّةُ الذَّبِيحِ مِنْ بَدَائِعِ الْقَصَصِ، وَلَمْ تُسَمَّ بِهِ سُورَةُ الصَّافَّاتِ، وَقِصَّةُ دَاوُدَ ذُكِرَتْ فِي (ص) وَلَمْ تُسَمَّ بِهِ فَانْظُرْ فِي حِكْمَةِ ذَلِكَ.عَلَى أَنِّي رَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي جَمَالِ الْقُرَّاءِ لِلسَّخَاوِيّ: أَنَّ سُورَةَ طه تُسَمَّى سُورَةَ الْكِلِيمَ وَسَمَّاهَا الْهُذَلِيُّ فِي كَامِلِهِ سُورَةَ مُوسَى، وَأَنَّ سُورَةَ (ص) تُسَمَّى سُورَةَ دَاوُدَ، وَرَأَيْتُ فِي كَلَامِ الْجَعْبَرِيِّ أَنَّ سُورَةَ (الصَّافَّاتِ) تُسَمَّى سُورَةَ الذَّبِيحِ وَذَلِكَ يَحْتَاجُ إِلَى مُسْتَنَدٍ مِنَ الْأَثَرِ.
|